أطعم قلبك بالصيام
إي والله، نحبُّ إلهنا ونفديه بأرواحِنا وآبائِنا وأمهاتِنا، فكيف لا نتركُ هذه الأكلات من أجلِك؟!، واللهِ ستشعرُ براحةٍ عجيبة بعدَها ليس لأنك أطعمتَ بطنَك فأنت لم تأكل ولم تشرب، ولكن لأنك أطعمتَ قلبَك، فوَصَلَ هذا الغذاء مباشرةً إلى الروح، وسعادةُ الروح لا تُشبِهُها أيُّ سعادةٍ أخرى، فيصبحُ الصيام له لذة. يقول ابن القيم"فإن اللذة تتبع الشعور والمَحبة، فكلما كان المُحب أعرف بالمحبوب وأشد مَحبة كان التذاذه بقُربِه أعظم، فاللهم لك الحمد"وهذا هو طعم لنوع واحد فقط من أنواع كثيرة من أغذيةِ الروح في الصيام.
الصيام يعلمك الحياء من الله
خُذْ مثلًا، هذا طعمٌ آخر: عندما تكونُ لوحدِك وأنت في قِمَّةِ العطش والجوع ولا يوجدُ أيُّ شيءٍ يمنعُك من أن تقومَ إلى الثلاجة الآن فتشرب وتأكل بدون أن يشعر بك أحد، تستطيع ولكنك لا تفعل، لماذا؟ حياءً من الله، أَسْتحي منك يا ربِّي، طيب ألم يحدث في السابق أنك كنتَ لوحدِك في خَلوة وكانت هذه المعصية بين يديك فوقعت فيها ولم تستشعر نفسَ الحياء الذي شَعُرتَ به الآن، ألم يحدث هذا من قبل؟ قد يقول البعض منا: نعم والله حدث. طيب هذه فرصة أن يكون بينك وبين الله تعالى مناجاة وحياء، فتقول له الآن: يا ربِّي أنا في خَلوةٍ لا يراني أحد ومع هذا فلن آكل، لن أعصيك لأني أستحي منك فاغفر لي عندما كنتُ في خلوةٍ لا يراني أحد فعصيتُكَ ولم أستحِ منك، الله أكبر!. هذا يعتبرُ تعاملًا راقيًا مع اللهِ تعالى، وهو سبحانه يحب أن تسألَه بأعمالِك الصالحة، فكلما أحسست بالجوع والعطش وتستطيع أن تأكل وتشرب بدون أن يحس بك أحد فاستشعر الحياء وحرِّك لسانَك بالدعاء لعلَّ الله أن يغفرَ لنا ذنوبًا سابقة ما استشعرنا فيها هذا الحياء الذي يملأ قلوبَنا الآن. روى ابنُ كثير في تفسيرِه"أنَّ آدمَ عليه السلام لما عصى الله تعالى وذاقَ من الشجرة في الجنة فرَّ هاربًا، فناداه الله تعالى: أفِرارًا مني يا آدم؟ قال: بل حياءً منك يا الله"