بسمة العلوي عضو جديد
عدد المساهمات : 10 تاريخ التسجيل : 05/07/2014
| موضوع: ماقبل نبوة سيد المرسلين 7/7/2014, 9:23 pm | |
|
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين, اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم, اللهم علمنا ما ينفعنا, وانفعنا بما علمتنا, وزدنا علماً, وأرنا الحق حقاً, وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً, وارزقنا اجتنابه, واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه, وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين, أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات . ما هي الحكمة الربانية في اختيار مكة المكرمة بلداً للرسول ؟ أيها الأخوة الكرام، مع الدرس الثالث من دروس فقه السيرة النبوية، موضوع هذا الدرس البيئة التي عاشها النبي صلى الله عليه وسلم قبل نزول الوحي عليه، وهذا يسمى في الدراسات التاريخية البعد التاريخي . مكة المكرمة أرض ليس فيها زرع, قال تعالى: ﴿رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾ ( سورة إبراهيم الآية : 37 ) يبدو من هذه الآية الكريمة، وقد اعتمد كُتّاب السيرة على القرآن الكريم، وما صح من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم مصدراً أولاً وثانياً لوقائع السيرة، أن هناك متع حسية، وهناك سعادة نفسية، لو أن المتع الحسية متوافرة تماماً، ورافقتها سعادة نفسية لاختلط الأمر، لكن هذا اسمه فرز، تذهب إلى بيت الله الحرام في وادٍ غير ذي زرع، والجو حار، ومع ذلك تسعد في جوار هذا البيت أيما سعادة، كأن الله سبحانه وتعالى جمد العامل الجمالي الأرضي، وحرك العامل النفسي السماوي . إذاً: قد تأتي الدنيا كما تريد، فتبتعد عن الغرض الذي خلقت من أجله، هذه حقيقة، الدنيا أحياناً تكون حجاباً بين العبد وبين ربه، ولا أغفلكم أيها الأخوة أن بلادًا كثيرة تعاني من رخاء ما بعده رخاء، ومن جمال ما بعده جمال، ومن متع حسية ما بعدها متع، هذه الدنيا العريضة، وهذا الجمال الأخاذ، وهذا التفلت صار حجاباً بين الناس وبين خالقهم، وقد تجد في بلاد أخرى شدة وضيقاً وفقراً، وتجد إقبال الناس على الدين منقطع النظير . هناك علاقة بين المتع الحسية وتوافرها، وبين النشاط الروحي وحدته، حينما قال الله عز وجل: ﴿ رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ ﴾ ( سورة إبراهيم الآية : 37 ) إذاً: ربما أعطاك فمنك، وربما منعك فأعطاك، وقد يكون المنع عين العطاء, قال تعالى: ﴿وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ ( سورة البقرة الآية : 216) هذه الدنيا أيها الأخوة ليست بشيء أمام الآخرة, قال رسول الله : " ما أخذت الدنيا من الآخرة إلا كما أخذ المخيط غرس في البحر من مائه " ( ورد في الأثر) إذا كنت في بلد لست كما تتمنى، وكنت قريباً من الله عز وجل فأنت الرابح الأكبر، وإذا كنت في بلد وكأنه جنة الأرض، وهذه الجنة في الأرض حجبتك عن الله عز وجل، وأنستك الآخرة فأنت الخاسر فحيث ما أراد الله أن تكون تقبل قضاء الله وقدره، عندئذٍ تكشف حقيقة الحكمة الإلهية، لأن كل شيء وقع أراده الله، وكل شيء أراده الله وقع . النعم التي اسدلها الله على قريش : أيها الأخوة, الله عز وجل امتن على قريش حيث يقول في كتابه الكريم: ﴿لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ * إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ * فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآَمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ﴾ ( سورة قريش الآية : 1-4 ) قال علماء التفسير: إن أعظم نعمة يمتن الله بها على عباده نعمة الشبع والأمن, قال تعالى: ﴿ أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَءَامَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ﴾ ( سورة قريش الآية : 4 ) ﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾ ( سورة النحل الآية : 112) إذاً: حينما تكون كما قال الرسول : " من أصبح منكم آمنا في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا " ( أخرجه البخاري عن عبد الله بن محصن ) وأعني (( آمنا في سربه ))، أي أمن الإيمان، أنت حينما تؤمن تشعر أنك تحت رحمة الله، وتحت رضوان الله، وتحت حفظ الله، وتحت تأييد الله، وتحت توفيق الله، وتحت نصر الله، وإذا كان الله معك فمن عليك، وإذا كان عليك فمن معك، وهذه معية خاصة، قال عنها العلماء: إنها معية التأييد ، والنصر، والتوفيق، والحفظ, قال تعالى: ﴿وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ ( سورة الأنفال الآية : 19) ﴿أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ﴾ ( سورة البقرة الآية : 194) ﴿وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ ( سورة آل عمران الآية : 139 ) المزايا التي كانت تتصف فيها بيئة النبي : أيها الأخوة، في البيئة التي عاش بها النبي كان فيها بعض المكارم الأخلاق، قيمة الشجاعة، وقيمة المروءة، وقيمة الكرم، لذلك قال عليه الصلاة والسلام: " وإنما بعثت معلما " ( أخرجه ابن ماجه من حديث عبد الله بن عمرو) " بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " ( أخرجه أحمد والحاكم والبيهقي من حديث أبي هريرة) "خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام " (أخرجه البخاري عن أبي هريرة ) وقد خاطب النبي الصحابة فقال: " أسلمت على ما أسلفت من خير " ( أخرجهما البخاري ومسلم في الصحيح ) معنى ذلك أن القيم التي كانت قبل بعثة النبي كقيمة الشجاعة والكرم والمروءة، وكان عنترة يقول : وأغض طرفي أن بدت لي جارتي حتى يواري جارتي مأواها أليست هذه مروءة؟ لذلك قال عليه الصلاة والسلام: " بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " من هنا نستنبط أن الإنسان الصالح في أخلاقه قبل أن يؤمن، وقبل أن يهتدي إلى الله عز وجل، لأنه صالح يتولاه الله عز وجل، قال تعالى: ﴿وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ ﴾ ( سورة الأعراف الآية : 196) فإذا كنا حليماً كريماً، ذا مروءة، تقري الضيف، تعين على نوائب الدهر، فالله عز وجل يتولاك، ومن أدق ما قالت السيدة خديجة لزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما جاءه الوحي: " ما يخزيك الله أبداً", كيف عرفت ذلك؟ لم يكن وحي قبله، ولم يكن إسلام قبل هذا الإسلام، " والله لا يخزيك الله أبداً، إنك لتكرم الضيف، وتحمل الكَلّ، وتعين على نوائب الدهر", هذه الفطرة . وأنا أقول لكم أيها الأخوة، وهذا استنباط، ولاسيما أني أوجهه إلى الشباب: إن كنت شاباً مؤمناً، مستقيماً، عفيفاً، صادقاً، أميناً، ثق بتوفيق الله لك، لأن الله عز وجل يقول: ﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴾ ( سورة الجاثية الآية : 21 ) إذاً: مكارم الأخلاق التي كانت في الجاهلية اعتمدها الإسلام وأقرها . أهمية النسب في عالم الإيمان : أيها الأخوة, قبيلة قريش كانت في الجزيرة العربية واسطة العقد، وكانت سيدة العرب وقتها هذا ينقلنا إلى موضوع النسب، ما علاقة النسب بالإيمان؟ النسب تاج يتوج به المؤمن، فالنبي عليه الصلاة والسلام حدثنا عن سيدنا يوسف, فقال: " الكريم ابن الكريم، ابن الكريم، ابن الكريم، يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم " (أخرجه أحمد في مسنده) ولكن حينما قال الله عز وجل: ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ * وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ * فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ ﴾ ( سورة المسد الآية : 1-5) هو عمّ النبي، أما الإنسان حينما يبتعد عن الإيمان لا قيمة للنسب أبداً، قال عليه الصلاة والسلام: " يَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمّدٍ، أَنْقِذِي نَفْسَكِ مِنَ النّارِ، فَإِنّي لاَ أَمْلِكُ لَكِ ضَرّا وَلاَ نَفْعاً " ( أخرجه مسلم في الصحيح ) " وقد دخل عليه الصلاة والسلام مرة المسجد فرأى رجالاً يتحلقون حول رجل، فسأل سؤال العارف: من هذا؟ قالوا: نسابة، قال: وما نسابة؟ قالوا: يعرف أنساب العرب، فقال عليه الصلاة والسلام: هذا علم لا ينفع من تعلمه، ولا يضر من جهل به " ( ورد في الأثر) من هنا من بعض أدعية النبي عليه الصلاة والسلام: " الَّلهُمَّ إنِّي أعُوذُ بكَ من قلبٍ لا يخشعُ ، ومِنْ دُعاءٍ لا يُسمعْ ، ومِنْ نفسٍ لا تَشبعْ ، ومن علمٍ لا ينفعْ ، أعوذُ بكَ منْ هؤلاءِ الأربعِ " ( ورد في الأثر) أيها الأخوة، تعليق لا بد منه، لأن العمر قصير، والوقت محدود، والأيام تتسارع، وكلما مضى يوم اقتربنا من أجلنا، فلا بد من أن نصطفي، كيف؟ أنت في مكتبك تضع الأربعة جدران ممتلئة بالكتب إلى السقف، وعندك بعد يومين امتحان مصيري، وكتاب هذه المادة أحد كتب المكتبة، هل يمكن أن تقرأ خطبة في هذين اليومين؟ لا بد من أن تقرأ الكتاب المقرر، لأن ما يطبع في العالم كل يوم من كتب بلغة واحدة لا يمكن أن تستطيع قراءتها في مئتي عام, ينبغي أن تصطفي كتاباً ينفعك في دينك ودنياك، وأن تصطفي صديقاً ينهض بك إلى الله حاله، ويدلك على الله مقاله، وأن تصطفي مكاناً تزداد فيه قرباً من الله عز وجل، أما الإنسان الذي يتحرك كيف ما شاء؟ يقرأ أي كتاب شاء؟ هذا الذي لا يصطفي يكون مغبوناً يوم القيامة إذاً: النسب تاج يتوج به المؤمن، أما إذا ابتعد الإنسان عن الإيمان فلا قيمة للنسب أبداً، وصدق القائل: لا تقل: أصلي وفصلي أبداً إنما أصل الفتى ما قد حصل العبادة التي كانت سائدة في قريش : أيها الأخوة, ماذا كانت تعبد قريش قبل بعثة النبي عليه الصلاة والسلام؟ قال تعالى: ﴿وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ﴾ ( سورة يونس الآية : 18 ) إحدى القبائل صنعت من تمر صنماً وعبدته، فلما جاعت أكلته، فقيل: أكلت ودٌ ربها، أين عقلهم؟ قبيلة أخرى جاء أحد أفرادها إلى الصنم ليعبده فرأى أن ثعلباً قد بال على رأسه، فقال: أرب يبول الثعلبان برأسه لقد ضلت من بالت عليه الثعالب العرب كانت تعبد أصناماً من دون الله، وتزعم أنها تقربهم من الله عز وجل زلفا, عطلوا عقولهم فخسروا آخرتهم . هذه هي الجاهلية الثانية : أخواننا الكرام، في بلاد آسيا تعبد البقرة من دون الله، فإذا دخلت إلى دكان فاكهة، وأكلت ما لذ وطاب من أغلى أنواع الفاكهة يكون صاحب المحل في الجنة، لأن الإله دخل إلى دكانه، وأكل من الفواكه، وقد يوضع روثها على الأثاث في غرف الضيوف في العيد، هذا من إنتاج إلههم، أين عقولهم؟ وهناك أناس في بلاد آسيا يعبدون الجرذان، وعندي مجلة فيها معبدهم، وكيف أن في هذا المعبد آلاف الجرذان يقدمون لهم أنفس الطعام، ويعبدونهم من دون الله؟ أين عقولهم؟ وفي هذه البلاد البعيدة جداً شرقاً, والتي تألقت في الصناعة حتى بلغت قمة النجاح الصناعي يعبدون ذكر الرجل، وقد حدثني أخ كريم زار معابدهم، وهناك أناس يعبدون الحجر، وأناس يعبدون الشمس والقمر، وأناس يعبدون موج البحر، وهذا من ضعف عقل الإنسان، واشكروا الله عز وجل أننا عرفنا الإله الحقيقي الذي بيده كل شيء، قال تعالى: ﴿ وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ﴾ ( سورة يونس الآية : 18 ) أيها الأخوة، من أغرب ما قرأت قبل شهرين أو ثلاثة أن صحفية في بلد عربي مجاور فيها مقالة يزعم كاتبها أن آلهة قريش كانت آلهة ديمقراطية، لأن كل إله قبل بالطرف الآخر، أما إله محمد فكان إلهاً ديكتاتورياً أو قمعياً، لأنه رفض أن يكون معه إله آخر، أليست هذه جاهلية ثانية؟ حينما قال الله عز وجل: ﴿وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى﴾ ( سورة الأحزاب الآية : 33 ) ما معنى ذلك؟ أن هناك جاهلية ثانية .
| |
|
cress.ronaldo عضو جديد
عدد المساهمات : 3 تاريخ التسجيل : 07/07/2014
| موضوع: رد: ماقبل نبوة سيد المرسلين 7/7/2014, 11:54 pm | |
| | |
|
Admin Admin
عدد المساهمات : 267 تاريخ التسجيل : 21/05/2014 العمر : 23 الموقع : https://ayaaya.ahlamontada.com/
| موضوع: رد: ماقبل نبوة سيد المرسلين 8/7/2014, 12:06 am | |
| | |
|